سبق وتكلمنا في المدونة عن تاريخ إل سيبتمو في مراجعة سيجاراكسيبسيون إزميرالدا من خط انتاج الدايموند.. نسترجع كلامنا عن تاريخهم هنا:
لما تجي تبي تدخن سيجار، عادة ما يكون الخيار اللي قدامك محصور بين كوبي / غير كوبي.. لكن الإختيار هذا مبطن داخله إنك لما تقول "غير كوبي" فإنت تعني إن سيجار من نيكاراجوا أو الدومينكان.. أو من الهندوراس إذا انت ممن ابتلاهم الله بتدخين بعض أنواع الكاماتشو. هل هذا يعني إن منتجات التبغ غير الكوبية تجي من هالثلاث دول فقط؟ لا.. مكونات السيجار لما تشتريها لحالها ممكن تجي من الاكوادور.. بيرو.. الكاميرون.. اندونيسيا.. أمريكا..، لكن من شبه المستحيل إنك تلقى سيجار بريميوم مصنوع من أحد محاصيل هذي الدول بالكامل. سيجار اليوم يكسر هذي القاعدة.
في بدايات الألفين، طلعت شركة جديدة في عالم السيجار واسمها إل سيبتمو (الإسم معناه يترجم لرقم سبعة).. كان هدفهم من البداية واحد: صنع سيجار من مكونات كوستاريكية بالكامل، ويكون مستواه على قدر عالٍ يمكنه على منافسة أي سيجار من أي دولة كانت، وكانوا معتمدين على عدة عناصر تتميز فيها صناعة التبغ في كوستاريكا حتى يحققون هدفهم.
أولاً، كل محبين القهوة مر عليهم اسم كوستاريكا في محاصيل القهوة، لأنه جبالها غنية بالمزارع اللي تمكنهم من زراعة القهوة على ارتفاعات عالية. الحين، إل سيبتمو راهنوا على تأثير الارتفاعات العالية هذي على زراعة التبغ.. وبدأوا في الزراعة بهدف حصاد تبغ يكون مناسب لإنه يكون فيللر (حشوة)، بايندر (الغلاف الداخلي)، وأهم شي رابر (الغلاف الخارجي). ثانياُ، سنّوا لأنفسهم قانون ذاتي بإن كل منتجات التبغ عندهم تدخل الانتاج وهي متعتقة على الأقل خمس سنوات، وبعض أصنافهم يحتوي بالكامل على تبغ معتق لمدة 15 سنة! هدفهم بعملية التعتيق هذي محاولة إضافة نعومة لمذاق التبغ وإزالة حدة النكهات المصاحبة له.
لكن النقلة النوعية اللي حصلت لهذي العلامة هي استحواذ رجل الأعمال زايا يونان عليها في مارس، 2019. يونان رجل أعمال كون ثروته في العقارات، ويمتلك منتجعات وملاعب قولف وشركة دعاية. لكن في الآونة الأخيرة حب يتوسع في المنتجات اللي تصنف كـ luxury.. وابتدأها باستحواذه على مزعة عنب متخصصة بانتاج النبيذ، وبعدها استحوذ على إل سيبتمو. من وقتها بدأ تسويق إل سيبتمو على إنه "رولز رويس" السيجار، وحرصوا على وجود اسم "جنيف" بجنب لوقو إل سيبتمو حتى يضفون لمسة خصوصية ورفاهية إضافية عليها.
لكن كلنا قادرين على تمييز الحملات الدعائية ومعرفة إن ما يقال فيها ذرة حقيقة محاطة بجبال من التلميع. السؤال هنا، هل فعلاً تستاهل منتاجتهم بأن توصف رولز رويس السيجار بالمقارنة مع كل ما يطرح العالم القديم (كوبا) والعالم الجديد (نيكاراجوا / الدومينكان / الخ الخ)؟ نحتاج ندخن السيجار حتى نعرف..
لاينات إل سيبتمو مقسمة لثلاثة خطوط انتاج:
الدايموند كوليكشن، ويندرج تحتها سبعة خطوط انتاج مختلفة الحجم والقوة..
اللكزس كوليكشن، ويندرج تحتها سبعة خطوط انتاج تبدأ من اللون الوردي (معتق خمس سنوات) وصولاً للون البرتقالي (معتق 15 سنة).
الترافل تايم كوليكشن، وفيها ثلاث اصدارات مزينة بعلم دولة معينة.. خطين منها دائمة: امريكا وفرنسا.. وفيه خط جديد ليميتيد اديشن عليه علم لبنان.
أليكساندرا كوليكشن، وهو سيجار مخصص للنساء ومسمى على أسماء ايقونات نسائية: مارلين (نسبة لمارلين مونرو) وكوكو (نسبة لكوكو شانيل).
جلجاميش كوليكشن، ويجي بنوعين مستوحاة من أول ملحمة كتبت في تاريخ البشرية: جلجامش.
سيجار اليوم من الفئة الأولى، الدايموند كوليكشن، ويعتبر أعلى سيجار فيهم مرتبة وتقييم، وهو سيجار بومبا أورانج اللي كل محتويات التبغ الموجودة فيه معتقة لمدة لا تقل عن 15 سنة.
التقديم:
سيجار بومبا أورانج من إل سيبتمو يجي بمقاس طوربيدو بطول 6,5 انش في ريتق قيج 60. أول شي يستوجب الإنتباه في تقديم السيجار هو الرابر الغني بالزيوت العطرية لدرجة إن لمعته لا يمكن أن تخطئها العين، ويجي بلون داكن جداً وكأنه هو وحبوب البن توأم مولودين من ذات الرحم. يزين السيجار باند بسيط ولكن جميل جداً ويتقاسم نفس التصميم مع أغلب خطوط انتاج إل سيبتمو، لكن يفرقه عنها لون الباند البرتقالي الساطع.
درجة تقوّس رأس السيجار المدبب ولّد تردد عندي من تسمية الحجم "طوربيدو" لأنه أقرب لتدبيب البيلكوسو، لكن في كان حال من الأحوال كانت قفلته احترافية وجميلة جداً. ودامنا تكلمنا عن القفلة، من الجهة المقابلة (الفوت) السيجار يجي مقفل بالكامل. السبب في كون أغلب خطوط انتاج إل سيبتمو تجي مقفلة الفوت هو بسبب استعمالهم لورقة تبغ كاملة مخصصة للرابر. فمثلاً، حتى لو كان عندهم ورقة تبغ كافية لإنها تكون رابر لسيجارين، راح يستعملونها فقط لسيجار واحد، وهذا شي يعطيهم وفرة بمساحة ورقة الرابر لدرجة إنهم يقفلون الفوت بشكل دائم.
وبالحديث عن سخاءهم باستعمال أوراق التبغ، السيجار أثناء الضغط عليه بأصابعك تحس إنه مليان بشكل ما هو بيعي بالتبغ. حتى مبين من ثقل السيجار في يدك. أما تحت الأنف، رائحة السيجار عميقة وشهيّة وفيها لمحة من رائحة العشب اللي توّه مقصوص ومن رائحة القش.. وهذا شي خلاني أبتسم لأنه قادر إنه يوحي لك بقوة عنفوان النبتة أثناء حياتها وبعد مماتها. طبعاً ما قدر اني أشمّ السيجار من الفوت لأنه مسكر، وكل اللي أقدر أستشعره هناك هو المزيد من رائحة الرابر.
كل اللي باقي أسويه هنا هو إني أقص وأولع..
تجربة التدخين:
مع كل سيجار مدبب الطرف ألقاني أميل أكثر لإني أقصه باستعمال الـ V Cutter.. وهذا اللي سويته هنا. جربت السحبة الباردة قبل لا أولع السيجار بس كانت مسدودة بسبب الفوت المسكّر. بديت بالحرق البطيء للفوت على لهب السوفت فليم لحد ما تأكدت إني أحرفت الرابر اللي مغطي الفوت بشكل كامل، وبعدين أخذت أول سحبة..
يا ساتر!!
خلّونا نتكلم أول شي عن نعومة جريان الهواء والدخان المصاحب له مع السحبة.. كل سيجار بالدنيا يحتاج إنه يكون بذات السلاسة. مقاومة أقوى من البسيطة بشوي، ويصاحبها كميات أسطورية من الدخان والطعم. وكل هذا يجي مغلف داخل تناسق عجيب بين عمق التبغ والنوتات المصاحبة له.. سيجار smooth كل ما تحمه الكلمة من معنى!
كمية الدخان الصادرة من السيجار تخليك تحس إنه لو تسوي له تحليل DNA راح تلقى إن جده السابع عبارة عن مكينة قطار. والنوتات المصاحبة له عميقة جداً لكن لا يمكن تطغى على المذاق العميق للتبغ. نوتات السيجار تقليدية جداً.. نوتة عميقة من الجلد تغلف سقف الحلق ويتخللها وجود جميل وواضح لخشب السيدار. وبعد ما تنفخ الدخان من فمك تبقى فيه نوتة مالحة لذيذة تشبه لما تلحس اصبعك بعد حفنة من البوبكورن. وقوام السيجار في البداية أقرب ما له البارتجاس سيري دي نمبر 4.
خلال الثلث الأول أكثر شي كان جاذب انتباهي هو النوتة المالحة اللي تكلمنا عنها، لأنه كل ما تعمقت في الثلث الأول بدت تأخذ شكل وملامح أوضح. كل ما لها كانت تتحول من كونها أشبه بالزبدة المملحة لكونها أشبه بالقشرة الخارجية للستيك اللي يكون الـ sear فيه محكور بكشل مثالي (بدون طعم اللحم.. بس الملوحة). السيجار كان ممتع جداً لدرجة إني احتجت أركز على وتيرة تدخيني له حتى لا يحتمي علي.
بوصولي للثلث الثاني، نوتة الجلد بدت تتراجع ويحل مكانها نوتة جميلة وأحب وجودها في السيجار، وهي نوتة الخبز المحروق.. فكر بأطراف البيتزا اللي تكون مطبوخة في درجات حرارة عالية وتوصل لك الفكرة. النوتة هذي كانت مسيطرة بشكل كامل على الثلث الثاني لكن السيدار والملوحة المذكورة آنفاً كانت لا تزال واضحة وجليّة. فيه شي ثاني هنا بيت أنتبه له، وهو إن الدخان له قوام زيتي مذهل. لوهلة تحس إنك متمضمض بزيت ما بين السحبات. شعور لذيذ ويساهم ببقاء النوتات بشكل أطول في الفم.
الثلث الثالث كانت بدايته أقل من المأمول لأني احتجت إني أعيد توليع السيجار، لكن أقدر أقول إن الثلث هذا هو أقل الثلاثة بهرجة لكن أجملهم بلا منازع. كل النوتات المذكورة تراجعت أمام عمق طعم التبغ اللي كان عبارة عن غابة كثيفة من أوراق التبغ تنبت على حلمات تذوّقك. والجميل إنه كان يصاحبه نشوة نيكوتين (nicotine rush) مريحة جداً بشكل ما مر عليه من قبل. يعني قوة النيكوتين كانت حاضرة بقوة لكنها كانت سلسلة وما تسبب تعب.. ما تحس وقتها الا بخمول لذيذ ما ودك ينتهي. ولما أقول إنه ما ودك ينتهي فأنا أقصدها بشكل حرفي، لأني لما استعملت الـ nubbing tool دخنته لآخر قطرة!
التقييم النهائي (92/100):
سيجار إل سيبتمو بومبا أورانج سيجار يمنحك تجربة تدخين منقطعة النظير، وفعلياً أعتبره سيجار مكتمل الأركان. لكن أثناء تقييم سيجار مثل هذا ما نقدر نغفل جانب السعر. السيجار فقد كل النقاط الممكنة في خانة السعر مقابل القيمة، لأنه مهما كانت التجربة اللي ممكن يمنحها إياك البومبا أورانج ما تبرر قيمته المبالغ فيها. والنقاط الأخرى اللي فقدها بشكل كامل هي نقاط الندرة بحكم إنه سيجار بإنتاج دائم.
في حال تسنّى لك تجربة السيجار هذا في الخارج وبدون الضريبة، أقدر أقول إنه يستحق التجربة بشكل لا يقبل الجدل ولو لمرة واحدة. لكن مع الضريبة مهما كانت التجربة اللي ممكن يمنحك إياها ما راح تكون موازية للسعر أو مبررة له.
Comments