عودة لسلسة سيجار بريك الغداء اليوم مع ملك هذي الفئة بلا منازع: أرتورو فوينتي هيمينجواي بحجم شورت ستوري.
في نهاية السبعينات، كان كارلوس فوينتي الأب يتعبث في واحد من مخازنهم في فلوريدا. وقتها حصّل قالب سيجار قديم من ممتلكات شركتهم اللي ابتدت في بدايات الـ 1900 على يد ابوه أرتورو فوينتي. القالب هذا كان مخالف لكل قواعد الذوق العام في هذاك الوقت واللي كانت تنص على إن السيجار في الغالب يكون باريهو (متساوي الحجم من بدايته لين نهايته)، والقالب هذا يندرج تحت تصنيف فيقرادو (أحد أو كل أطرافه مدببة) وتحديداً بيرفيكتو (اللي يكون طرفين السيجار اصغر من أحد المناطق في المنتصف). الرسم البياني الللي تحت يوضح الفكرة (مصدر الصورة).
المهم إنه أخذ القالب هذا ورجع للدومينيكان وبدأ يدرب أمهر مسؤولي لف السيجار على استعماله لأنه كان مقتنع إن الشكل هذا عبارة عن فن ما تم تقديره في عالم تصنيع السيجار. وما جاء عام 1983 إلا والسيجار الأول من هيمنجواي من حجم سيجنتشر (حجم 647) نازل في الأسواق، ومن أول نزول للخلطة هذي بشكلها الجديد للسوق، لاقى السيجار نجاح مبهر.
بعدها بسنوات بسيطة، كان كارلوس فونتي الإبن والأب يتكلمون عن بداية التضييق على المدخنين في الأماكن العامة، وكيف بدأ يصير موضوع تدخين سيجار بالحجم الاعتيادي بدأ يصير أصعب وأصعب، ووقتها ما كان فيه في السوق الا سيجار أو سيجارين صغيرين بالحجم ويخدمون هالشريحة هذي والباقي كله سيجاريللو. جتهم فكرة إنهم ينزلون سيجار من لاين هيمنجواي يكون حجمه صغير، وفي هذيك السنة وُلد حجم الشورت ستوري.
فيه قصص كثيرة عن سبب تسمية لاين السيجار هذا على اسم هيمنجواي (ارنيست هيمنجواي) على الرغم من ان الكاتب توفى في الستينات، قبل سنوات طويلة من بداية انتاج هذا السيجار. واحدة من القصص اللي يرويها كارلوس فوينتي الإبن، إن جده أرتورو كان يسمي القوالب هذي اللي كانت مخزنة في فلوريدا "Fancy Tales" وتعني القصص الخيالية / القصص الفاخرة. وبما إن كاتب أبوه المفضل كان هيمنجواي، اختاروا ان اللاين يكون على اسمه، وأحجام السيجار يكون على أسماء تتعلق حول فن الكتابة تخليداً للإسم اللي أطلقه ارتورو فوينتي على القوالب.
التقديم:
فيه نقطة لا بد تنتبه لها هنا، وهي إن الطول المعلن للسيجار (4,5 انش) محسوب فيه الجزء المقفل في الفوت. معناته الجزء اللي تدخنه من السيجار ويعطيك التجربة الكاملة هو تقريباً 4 انش. راح نرجع لهذي النقطة في تجربة التدخين.
رابر الكاميرون مميز جداً في حضوره، وأقدر أراهن إن ما فيه أحد في صناعة التبغ بأكملها قادر على التفنن فيه مثل ما يتفننون أرتورو فوينتي. داخل الرابر الأفريقي هذا خلطة لذيذة جداً الفيللر والبايندر فيه بالكامل من الدومينيكان. أغلى أنواع الرابر في العالم هي رابر الكاميرون، ولازم أخصص تدوينة كاملة نتكلم فيها عنه وعن أسباب غلاءه وقلة وجوده بالسوق مقارنة بأنواع الرابر الثانية، بس أحد أهم هذي الأسباب هي انخفاض سمك الورقة بشكل يخلي التعامل معها يحتاج دقة وتركيز عاليين جداً. فلما تشوف القالب بشكله غريب، وملفوف برابر حساس لو تكح جنبه انشق، تكبر بعينك حرفية مسؤولين اللف عند أرتورو فوينتي.
السيجار ما يعطي رائحة مميزة لا من الرابر و لا من عند الفوت اللي أصلاً شبه مسكرة، وتبغ الفيللر ما يمديه يوصلك.
ملمس رابر الكاميرون عادة ما يميل للخشونة اللي توحي لك لأول وهلة إنه جاف. بس الخشونة هذي بسبب ما يطلق عليه الـ "tooth" وهي اقرب ما تكون للفقاقيع الصغيرة على الرابر وتكون مليانة بالزيوت العطرية اللذيذة اللي قاعدة تسألك باستمرار: ياخي وش تنتظر؟
تجربة التدخين:
في بداية توليعة السيجار اللي يكون مقفل بالطريقة هذي من الأسفل، تحتاج تطول بالك عليه شوي. أولاً، لما تولع السيجار وتاخذ أول 3-4 سحبات، انت ما تدخن الخلطة بنفس وزنيتها في باقي السيجار. انت قاعد تدخن الرابر ومعه شوية فيللر. بمجرد ما توصل للجزء المنتفخ من السيجار في الأسفل يبدأ يتفتح معك.
هنا كمية الدخان تصير كثيفة بشكل منعش. وأفضل ما يجود فيه رابر الكاميرون إذا تعتق هي النوتة الحالية اللي تجي معه وتعلق في فمك بين كل سحبة والثانية، وسيجار الأرتورو فوينتي هيمنجواي كريم جداً من هالناحية من بدايته إلى نهايته. يرافق النوتة الحالية هذي وجود خفيف للفلفل الأسود لكن بدون أي لذعة، والطعم العميق لتبغ الدومينيكان اللي يطالب بكل انتباهك.
بمجرد ما تقرب من الباند تبدأ ترتفع النوتة الطينية ويرافقها نوتة معدنية رهيبة جداً. كل حضور لهذي النوتتين مع بعض ياخذني للشمال وتربة النفود الغنية بالهيماتيت. صحيح ان تنوع النوتات فيه محدود نسبياً، لكن على سيجار انا مخصصه لبريك الغداء أشوف التنوع مقبول وكافي جداً، خاصة إن وقت تدخينه يكون بمكان ما يسمح لك بالعادة بإنك تجلس وتمخمخ وتصب تركيزك كله على السيجار.
التقييم الهائي (84/100):
الأرتورو فوينتي هيمنجواي شورت ستوري أفضل سيجار بريك غداء مر عليّ على الإطلاق. ما ينافسه إلى اليوم أي سيجار لا من كوبا ولا الدومينيكان ولا نيكاراجوا الخ الخ. وقت تدخينه ما يتجاوز الـ 40 دقيقة على حسب طريقة تدخيني، ويعطيك تجربة متكاملة من جميع النواحي. يعيبه بعض الأحيان ان خط احتراقه ما يكون متوازن بسبب النهاية المدببة له وطريقة توليعها، لكن ما يأخذ هالشي من تجربة التدخين كثير. النقطة الثانية، حساسية الرابر ممكن تؤدي لمشاكل جمالية على شكل السيجار الخارجي اللي ما تأثر على تجربة التدخين، لكن هي نقطة لا بد تكون منتبه لإمكانية حدوثها.
يبقى سيجار جبّار وتجربته ضرورية في مشوار أي مدخن للسيجار.
Comments